مَنْ يَستَعيدُكِ داخِلي
لِيُعيدَ ذاكِرَتي إليْ
مَن يستعيدُ طُفولتي ،
وبراءَتي ،
وملامِحَ القلبِ الخَليْ
قد كانَ حُبُّكِ دائمًا
وحيًا يَجيءُ مِن السماءِ
وما فَهِمتُ بأنَّهُ
قد كانَ لِيْ
أنا لو فَهِمتُ حبيبتي
لغدوتُ في يومٍ نَبيْ
ماذا سأفعلُ مُنيَتي
والعُمرُ يَهربُ دَاخلي
ويَفرُّ قهرًا مِن يَدَيْ ؟
***
فكَّرتُ في يومٍ أُعاتبُها ولكنْ ..
هل يا تُرى قلبي سيقدرُ أن يُعاتبَها
وأعرفُ أنَّهُ ..
في العشقِ لا أحدٌ قَويْ
لو في عِتابي جرأةٌ
أتُراكَ قلبي
سوفَ تحتملُ العذابَ السرمديْ ؟
***
شَتانَ ما بينَ الحقيقةِ
والذي لن نَستَبينَهْ
هو دافئٌ دَمعي
وبَوحٌ للحكاياتِ الحزينَةْ
"نُوحٌ" يُحدِّقُ مِن بَعيدٍ في السفينَةْ
يا أيُّها الطوفانُ بَلِّغنا الأملْ
واحمِلْ شِراعي مَرَّةً صوبَ المدينَةْ
عَكسَ اتجاهِ الريحِ أسكُنُ دائمًا
ولأجلِها ..
عَلَّقتُ فوقَ مدائِني
أقواسَ زينَةْ
كلُّ المخاوفِ فاجأتني
كنتُ أهرُبُ في اتجاهِ الأفقِ لكنْ
لم يَعُدْ أبدًا سماءْ
هو تائهٌ سِربُ النَّوارسِ في الشتاءْ
وبِمِعطفي خبَّأتُ قُرصَ الشمسِ
حتى أستطيعَ بأن أعودَ لبيتِنا
قبلَ المساءْ
لكنَّ ضوءَ الشمسِ سَهوًا
قد تَهادَى في عُيوني
ثُم أصبحَ كوكَبًا للفجرِ
يَسبحُ في شَراييني
فتشتعلُ الدماءْ
هي مرَّةً تركتْ جدائلَها وغابتْ
وعلى مَشارفِ أعيُني ألَقُ الضياءْ
هل حُبُّنا يَرتاحُ بعضَ الوقتِ في
أحضانِنا
أم أنَّهُ في الفجرِ يَذهبُ مُنيَتي
مِن حيثُ جاءْ
أنا لم يَزلْ عُنوانُها في نِنِّ عَيني
حتى ملامحُها تَحومُ كما العصافيرِ الجميلةِ
في رُبوعِ الكبرياءْ
هي لَحظةٌ فيها التقينا
ألغيتُ كلَّ مسافةٍ
لنذوبَ في نَشوَى اللقاءْ
***
آهِ يا نَبعًا جميلاً ، ورقيقًا ،
ونَديَّا
آهِ يا عِطرَ السماءْ
اسكُني جَدبي لتخضرَّ الصحارِي
إنني المُشتاقُ مِن عَهدٍ
إلى يَنبوعِ ماءْ
فاصلٌ مِن غِنوتينِ
ثم نَرقُصْ ..
رقصةَ الموتِ الأخيرةْ
والطيورُ الخُضرُ تأتي
في حَواصلِها سنسكنْ
مثلَ كلِّ الشهداءْ
آهِ يا قَتلى الهوى مِن أينَ جئتُمْ
ولماذا تَدخلونَ العشقَ
في شوقٍ غريبٍ للفناءْ ؟
امنحيني لَحظةً مما لديكِ
واسكُبيها في فراغِ العمرِ هيَّا
واملئي هذا الخَواءْ
وتَجلِّي ، وتَحلِّي ،
وتَدلِّي داخِلي مِشكاةَ نورْ
فلعلِّي في جُنوني
ألمَسُ الآنَ السماءْ
وأُذيبُ ..
عَشرَ نَجماتٍ بِعطرٍ
مِن دَمي المسفوحِ حَولَكْ
وأرشُّ العِطرَ حولكْ ،
والضياءْ
افعلي في القلبِ ما شئتِ وقولي :
الهوى المجنونُ شاءْ
إنني جئتُ لأبكي فوقَ صدرِكْ
إنَّ هذا اليومَ عُمري ..
مَوسِمٌ في كلِّ عامٍ للبكاءْ
"عبد العزيز جويدة "