من قصص العشاق
قال كثيرعزة : لقيني جميل بن معمر العذري فقال من أين أقبلت؟
فقلت: من عند بثينة. فقال: لا بد أن ترجع عودك إلى بدئك فتأخذ لي موعداً من بثينة، فقلت: عهدي بأبيها الساعة، فقال: لا بد، فقلت: وأين عهدتهم؟ قال: بالدوم يرحضون ثيابهم، فرجعت فقال أبوها: ما ردك يا ابن أخي؟ قلت: أبيات خطرت لي أردت أن أنشدكها ثم أنشده:
فـقـلت لها: يا عز أرسل iiصاحبي
عـلـى نـأي دارٍ والـمـوكل iiمرسل
بـأن تـجـعـلـي بيني وبينك iiموعداً
وأن تـأمـريـنـي بالذي شئت iiأفعل
فـآخـر عـهـدٍ مـنـك يـوم لـقـيـتـني
بأسفل وادي الدوم والثوب يغسل
قال: فضربت بثينة جانب خبائها بعمود وقالت: اخسأ، فقال أبوها: ما هو؟ قالت: كلب يأتينا من وراء الرابية، فعدت إليه وقلت: قد وعدتني أن تجيء من وراء الرابية.
وقصة أخرى
كان في بني عامر بن صعصعة امرأةٌ توفي عنها زوجها، ولها ابنا عمّ، فصارا إلى بعض شيوخهم، فقالا له: فلانة جاريةٌ شابةٌ، والقالة إلى مثلها سريعةٌ، فوجّه إليها فلتحضرْ، واعرِض عليها أيّنا أهوى إليها، حتى يتزوجها، فوجه الشيخ إليها، فأتته، فعرض عليها مقالتهما، فأطرقت مليّاً تنكُتُ الأرض، حتى حفرت فيها حفيرةً، وملأتها من دموعها، وكان زوجها دُفن بمقبرةٍ تدعى بحَوضى، فالتفتت إلى ابني عمها، وأنشأت تقول:
فـإن تـسـألانـي عـن هواي، iiفإنه
رهـيـنٌ بـحـوضـى، أيـهـا iiالفتيانِ
وإنـي لأسـتـحـييه، والموت دوننا
كـمـا كـنـتُ أسـتـحييه حين يراني
أهابك إجلالاً وإن كنتُ في الثرى
لـوجـهـك يـومـاً إن يسؤْكَ مكاني
وقامت فانصرفت، فقال: قد رأيتما وسمعتما، فانصرفا وقد يئسا، ثم لقياها يوماً في المقابر وعليها مُصبَّغاتٌ وحلىً وحُللٌ، فقال أحداهما لصاحبه: ما ترى في أي زيّ خرجت، والله ما أراها إلا متعرّضةً للرجال، هلمّ فلننظر ما تصنع فقربا منها، فأتت القبر فالتزمته ثم أنشأت تقول
يا صاحب القبر يا من كان يؤنسي
وكـان يُـحـسـن فـي الدنيا iiمؤاتاتي
أزور قـبـرك فـي حَـلْـيٍ وفـي iiحُـلَلٍ
كـأنـنـي لـسـت من أهل iiالمصيبات
أتـيـتُ مـا كنتَ من قُربي تحب وما
قـد كـان يـلـهـيـك فـي ألوان iiلذّاتي
ومـن يـرانـي يـرى عَـبرى iiمفجَّعةً
طـويـلـة الـحُـزن فـي زُوّار أموات
ثم شهقت فماتت.